قال جلالة الملك عبدالله الثاني، خلال لقائه الرئيس الألباني بوجار نيشاني في العاصمة الألبانية تيرانا الثلاثاء، "إن قيمنا ورؤيتنا المشتركة والقرب الجغرافي بيننا، أسباب للعمل معا لتحقيق مستقبل مزدهر لشعبينا".
جاء ذلك في إطار اللقاء بين الزعيمين، إذ بحثت خلاله العلاقات الثنائية بين البلدين، وقضايا اقليمية ذات اهتمام مشترك.
وأكد جلالته والرئيس الألباني، في المباحثات التي جرت في القصر الرئاسي بتيرانا، الحرص المتبادل على بناء علاقات شراكة وتعاون بين البلدين في شتى الميادين.
وجرى في المباحثات استعراض الفرص والإمكانات المتاحة بين البلدين، وسبل النهوض بها وبما يخدم مصالحهما المشتركة، ويعود بالنفع على الشعبين الشقيقين، خصوصاً في الميادين الاقتصادية، وما يوفره الأردن من ميزات تنافسية واستثمارية في هذا المجال.
كما تطرق اللقاء إلى آخر المستجدات الإقليمية، وما يهم العالم الإسلامي، خصوصاً جهود التصدي لخطر الإرهاب والتطرف، والذي لا يمت للدين الحنيف بصلة.
وأكد الزعيمان في المباحثات الثنائية التي تبعتها مباحثات موسعة، على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين، وضمن إطار منظمة التعاون الإسلامي.
وأشار جلالته إلى أن ما تقوم به المملكة من جهود وتعاون مستمرين مع مختلف الأطراف العربية والإسلامية، إنما هو لخدمة الإسلام وقضاياه العادلة، والتأكيد في مختلف المحافل الدولية على جوهره الداعي للوسطية والاعتدال والسلام، كأساس للعيش المشترك، والتعامل بين مختلف الشعوب. كما استعرض جلالته الأوضاع في الشرق الأوسط، خصوصاً تداعيات الأزمة السورية، والأوضاع في العراق وبعض دول المنطقة، بالإضافة إلى جهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استنادا إلى حل الدولتين.
بدوره، أكد الرئيس نيشاني على أن زيارة جلالة الملك، تشكل فرصة مثمرة للارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين والبناء عليها في مختلف المجالات، لافتا إلى المكانة والاحترام الكبيرين اللذين يكنها وشعب بلاده لجلالة الملك والشعب الأردني.
ولفت الرئيس نيشاني في هذا الصدد، إلى أن بلاده تتطلع إلى الأردن كواحة أمن واستقرار وبوابة لدول المنطقة، من النواحي الاقتصادية والاستثمارية، فضلاً عن دوره المهم على الصعيد السياسي في مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وأعرب عن تقديره لدور الأردن الكبير، بقيادة جلالة الملك، في تحقيق السلام وتعزيز الأمن والاستقرار العالميين، والدفاع عن الصورة الحقيقية للإسلام في مواجهة التطرف والإرهاب.
وفي تصريحات صحفية مشتركة لجلالة الملك والرئيس الألباني بعد المباحثات، وجه جلالته الشكر للحكومة والشعب الألباني على ترحيبهم بجلالته، وبالوفد المرافق في زيارته الأولى إلى ألبانيا. وقال جلالته "أسهمت محادثاتنا اليوم بتعزيز التعاون الثنائي، والأردن حريص على الدفع بهذا التعاون قدما وتعزيزه".
وأضاف جلالته "لقد أشرتم، فخامة الرئيس، إلى أوجه التعاون المشترك المتعددة التي تجمعنا، ونتطلع إلى تطويرها قدماً، فهي لا تقتصر على العلاقات السياسية الجيدة القائمة بيننا، بل تمتد لتشمل العلاقات الاقتصادية والثقافية والتي ستترسخ مع تقدمنا إلى مرحلة جديدة ومتطورة من الصداقة بين بلدينا وشعبينا".
وقال جلالته "تطرق اجتماعنا أيضا، إلى العديد من القضايا العالمية والإقليمية المشتركة بين ألبانيا والأردن، وناقشنا، على وجه الخصوص، سبل مواجهة التطرف والإرهاب باعتبارهما خطرا على العالم كله من أفريقيا إلى آسيا إلى أوروبا وحتى الأميركيتين".
ولفت جلالته إلى أن ألبانيا، الدولة الأوروبية ذات الأغلبية المسلمة، تلعب دورا هاما في مكافحة الفكر المتطرف، مبينا جلالته أن وقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى منطقة الشرق الأوسط، هو قضية عالمية وعلى كل من ألبانيا والأردن أن يعملا معا، ومع الآخرين، لحلها.
وبين جلالته أن ألبانيا، مثل الأردن، بلد يعيش فيه المسلمون والمسيحيون جنبا إلى جنب، وبالتالي "علينا نشر رسائل التسامح والاعتدال والتعايش الديني"، مشيرا جلالته، في هذا الاطار، إلى مضامين كلمة الرئيس الألباني، والتي أكدت على أهمية التعايش ودور التعليم الديني في المؤتمر الدولي حول الإسلام والسلام العالمي الذي عقد مؤخرا.
وقال جلالته "إن الأردن يساهم بصورة فاعلة في مبادرات الحوار بين الأديان، ويعمل على تعزيز الحوار السلمي، ويسرنا أن نعمل مع شريك يتفق معنا في أسلوب تفكيرنا".
وتابع جلالته "إن التصدي للمظالم في منطقتنا، مفتاح لتخفيف المعاناة. وعلى هذا الصعيد، يؤكد كل من الأردن وألبانيا بحزم، الحاجة الملحة لاستئناف الفلسطينيين والإسرائيليين لمحادثات السلام على أساس حل الدولتين، وهو الصيغة الوحيدة العادلة لحل هذا النزاع".
وختم جلالته تصريحاته بقوله "مرة أخرى أخي فخامة الرئيس، لقد كان من دواعي سروري أن ألتقى بكم خلال هذه الزيارة المثمرة، والتي آمل أن تشكل بداية لتوثيق العلاقات بين بلدينا"، موجها جلالته الدعوة للرئيس نيشاني، لزيارة الأردن في المستقبل القريب.
بدوره رحب الرئيس الألباني بجلالة الملك والوفد المرافق في زيارته الأولى إلى ألبانيا، معتبرا أن هذا الأمر محط تقدير وسعادة بالنسبة لألبانيا والشعب الألباني، مؤكدا على أن زيارة جلالته تشكل خطوة مهمة لتطوير العلاقات بين البلدين، وتصب في خدمة مصالحهما المشتركة ومواجهة مختلف التحديات.
وأضاف "أن هناك مجالات كثيرة للتعاون لتطوير هذه العلاقات في المجالات الاقتصادية والسياحية والعلمية والتعليمية، حيث ناقشنا أيضا، سبل تعزيز هذه العلاقات في إطار الأمم المتحدة، إذ يرأس الأردن مجلس الأمن الدولي".
وبين الرئيس الألباني أن بلاده كانت من الدول الداعمة للأردن للحصول على عضوية غير دائمة في المجلس، كما أنها تدعم جهوده فيه وتقدر دور المملكة، بقيادة جلالة الملك، في تعزيز الأمن والسلم الدوليين في الشرق الأوسط بشكل خاص وغيره من مناطق العالم.
وعبر الرئيس الألباني عن تقدير بلاده لمواقف الأردن تجاه كوسوفو وشعبها وقضاياه العادلة، على مدار التاريخ، ومشاعر العرفان والتقدير التي يكنها الألبانيون، لقيام الأردن بالاعتراف باستقلال كوسوفو العام 2009، حيث كان أول دولة إسلامية اتخذت هذا القرار.
كما أعرب عن تقديره لجهود الأردن ودعمه لتحقيق الأمن والسلم في منطقة البلقان، وقال "ناقشنا سبل التعاون الثنائي في محاربة الإرهاب والتطرف، باعتبارهما يشكلان تحديا عالميا مشتركا يتطلب مواقف حاسمة، وإجراءات رادعة"، معبرا عن شكره لجلالته على تلبيته الدعوة لزيارة ألبانيا.
وحضر المباحثات: رئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور فايز الطراونة، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة، ومدير مكتب جلالة الملك الدكتور جعفر حسان، والسفير الأردني غير المقيم لدى ألبانيا فواز العيطان. وعن الجانب الألباني عدد من كبار المسؤولين.
وكان الرئيس نيشاني أقام مأدبة غداء تكريما لجلالة الملك والوفد المرافق.
وجرت لجلالته، لدى وصوله القصر الرئاسي، مراسم استقبال رسمية، حيث عزفت الموسيقى السلام الملكي الأردني والنشيد الوطني لجمهورية ألبانيا، واستعرض جلالته حرس الشرف الذي اصطف لتحيته.
وتجدر الإشارة إلى أن ألبانيا، تعد من الدول التي تتبع سياسات معتدلة، كما تشهد تطورا في مجالات النفط والطاقة والزراعة والسياحة، وتتميز بموقع استراتيجي واقتصاد متنام، وهي عضو في حلف الناتو ومنظمة التعاون الإسلامي، ومرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي.-