[بودكاست ]


 
 
  • المحلية
  • الدورة النيابية تسجل أول ثمار النضوج الكتلوي بـ"مبادرة"
الدورة النيابية تسجل أول ثمار النضوج الكتلوي بـ"مبادرة"
بودكاست - Thursday 07-05-2015 06:09

كان التباين واضحا في نشاط الكتل النيابية الثماني خلال الدورة العادية الثانية الماضية بين كتلة وأخرى، ففيما حرص بعضها على ديمومة عمله وتقديم برامج ورؤى مختلفة، على غرار كتلة مبادرة النيابية، غابت كتل أخرى عن المشهد تماما، واكتفى عدد منها بالظهور في المناسبات فقط، من خلال بيان أو تصريح صحفي هنا أو هناك، في حين عجزت كتل عن عقد ولو اجتماعات خاصة بها طوال مدة الدورة النيابية.
ولا يختلف حال الكتل النيابية كثيرا في الدورة العادية لمجلس النواب السابع عشر عموما عن حال نظيرتها في الدورة الماضية، ولا حتى عن حال كتل نيابية في مجالس سابقة، بيد أنه يمكن ملاحظة حالتين مختلفتين في المشهد الحالي، أولاهما وجود كتلة مبادرة ببرامج عمل واضح وتشابك مع السلطة التنفيذية، وإصرار ملحوظ على تنفيذ برامجها، وثانيهما وجود الائتلاف الوطني النيابي الذي تشكل من 5 كتل نيابية دفعة واحدة، وحافظ على وجوده ككيان حتى الآن، رغم كل ما قيل عن إمكانية تفتته.
ولا يخفى أن الكتل النيابية منحت في المجلس الحالي دورا مهما عندما أوكل لها جلالة الملك عبد الله الثاني مهمة تنسيب اسم رئيس الحكومة، وهي خطوة اعتبرت بداية الطريق لتشكيل حكومات برلمانية، فدخلت في مشاورات جماعية للتوصل إلى إجماع على رئيس وزراء معين.
كما عبر جلالة الملك في أكثر من مناسبة عن أهمية الكتل النيابية، وهو ما كان يؤكد عليه أثناء لقاءاته المختلفة التي أجراها مع كتل مجلس النواب السابع عشر، وفيها دعا إلى ضرورة تأطير ومأسسة وتعزيز عمل الكتل، باعتبار أن ذاك يسهم في تعزيز دور مجلس النواب في القضايا الوطنية والتعامل مع مختلف التحديات.
وشدد في أكثر من مناسبة على ضرورة أن يكون لدى الكتل النيابية برامج واضحة ورؤية شمولية تتناول مختلف القضايا التي تطرح على مجلس النواب بشكل خاص، وقضايا الوطن بشكل عام، معربا عن تفاؤله بنجاح تجربة الكتل النيابية، والبناء عليها مستقبلاً لما فيه مصلحة الوطن والمواطن.
غير أن مشكلة الكتل النيابية في الدورات الماضية تكمن في أنها كانت بعد أن ينفض مولد تسمية الرئيس أو انتخابات رئاسة المجلس والمكتب الدائم واللجان النيابية، سواء الأولى أو الثانية، حتى تبدأ غالبيتها بالتشظي والذوبان.
إلى هذا، أشار مدير مركز الدراسات الإستراتيجية موسى اشتيوي في مقال سابق له أن عند "أول منعطف حقيقي تمر به الكتل النيابية يكشف التباين الفكري والسياسي بين أغلب أعضائها، وأن النواب تصرفوا، في النهاية، بوصفهم أفراداً، مخالفين لكتلهم في كثير من المواقف".
ولفت إلى أن "الكتل غالبا ما فشلت في الاصطفاف بشكل واضح مع الحكومة أو ضدها، واستمرت هذه الكتل في احتواء أعضاء داخلها ممن هم مع أو ضد الحكومة، ما سهل مهمة الأخيرة في العمل مع المجلس".
أما اليوم، وبعد مضي 6 أشهر على تشكيل كتل الدورة المنفضة الثانية، وبعد عامين وأربعة أشهر من عمر مجلس النواب السابع عشر، بات ظاهرا للمراقب أن بعض تلك الكتل تشكلت وهي تمتلك قدرة على التقاط المفهوم الذي يراد من تلك الكتل وعملت ضمن هذا المفهوم، وجهدت لكي تشكل أدوات لمرحلة جديدة من العمل النيابي، وهذا تحديدا ما ذهبت إليه كتلة مبادرة النيابية التي طرحت برامج عمل ورؤى في مواضيع مختلفة وتحركات مع الحكومة، وكان آخرها إعلان عزمها تشكيل تيار سياسي برامجي كنتاج لتحول طبيعي.
وفي هذا الشأن يقول رئيس الكتلة النائب خميس عطية إن التيار المزمع تشكيله سيضم نواب الكتلة وشخصيات سياسية ونقابية وفاعليات شعبية واسعة من كل أنحاء البلاد، وستكون نواة التيار البرامج التي أنجزتها الكتلة في كافة المجالات.
ونوه عطية إلى أن المرحلة المقبلة "تتطلب من النواب العمل، وفق تيارات أو أحزاب سياسية، لطرح برامج واقعية على الشعب الأردني لنؤسس لانتخابات برامجية مقبلة يكون التنافس فيها على أساس البرامج والأفكار، وتكون لدينا كتل برامجية في مجلس النواب المقبل، ونؤسس لفكرة أغلبية تشكل حكومة برامجية وأقلية معارضة على أساس برامج أيضا".
وأوضح عطية أن الكتلة ستبدأ بإجراءات تأسيس التيار السياسي البرامجي، والذي سيكون له نظام داخلي وبرامج في كل المجالات، وستعرض على الناس، مشيرا إلى أنه تم تكليف منسق المبادرة النائب مصطفى الحمارنة والنائب حسن عبيدات  لوضع مسودة تحدد رؤية التيار.
وتفردت كتلة مبادرة عن شقيقاتها الأخريات، من حيث القدرة على طرح الأفكار والبرامج ووجهات النظر، بيد أن ذاك لا يعني عدم وجود محاولات تسجل في هذا الصدد لكتلة وطن النيابية، التي استطاعت في ما بعد تشكيل ائتلاف نيابي عريض مؤلف من 5 كتل، على الرغم من أن مفعول هذا الائتلاف لم يلمس على أرض الواقع إلا في انتخابات رئاسة المجلس، ومن المؤمل أن تستطيع طرح رؤيتها من خلال برامج وأوراق عمل تقوم بإعدادها.
ووفق ما يرشح من معلومات، فإن كتلة وطن لا تستبعد هي الأخرى أن تتحول إلى حزب أو تيار سياسي، بحيث يتم التمهيد بشكل واسع لفكرة الحكومات الحزبية البرلمانية.
ويؤيد رئيس كتلة وطن رئيس الائتلاف النيابي النائب خالد البكار أن يتأطر النواب ضمن كتل نيابية، لكنه في الوقت عينه يعترف بأن الكتل النيابية في وضعها الراهن، "مهما تعددت أدوارها فلن تصل إلى حالة تشكيل حكومة نيابية"، لكنه يطالب ببدء خوض هذه التجربة الحزبية، بحيث تقوم الأغلبية بتشكيل حكومة نيابية فيما تمارس الأقلية دور المراقبة على أعمال الحكومة.
ولا ينفي البكار أهمية أن تكون المعادلة السياسية في الأردن قائمة على فكرة حزب أغلبية يشكل الحكومة وأقلية تعارض، على اعتبار أن التعامل على أساس برامجي للأحزاب وترجمتها إلى واقع سيكون أكثر قدرة على إنضاج القرارات.
أما باقي الكتل النيابية فتحاول جاهدة إنضاج برامج عمل، لكنها ما تزال في بدايات الطريق، دون أن تترك تأثيرا وحضورا واضحين تحت القبة، لكن يسجل أن تلك الكتل النيابية حافظت على وجودها، رغم ما تعرض له بعضها من انسحابات دون أن تؤثر تلك الانسحابات على كينونة الكتلة نفسها، وعلى وجودها. ومن الواضح أن بنية الكتل الحالية تختلف ظاهريا عن نظائرها في المجالس السابقة، بفعل التعديلات التي أدخلت على النظام الداخلي، والمثبتة بنصوص واضحة، وهو الأمر الذي كان غائبا في النظام السابق، لكن هذا لا يعني أن نشاط الكل متساو، فبعضها ما زال يدور في مساحات هلامية بلا أي تأثير، وإنما على قاعدة الوجود فقط، فيما تطمح كتل أخرى، كـ"مبادرة"، وبنسبة أقل "وطن" إلى الانتقال صوب العمل المؤسسي البرامجي الحزبي، الذي ينسجم مع ما أشار إليه جلالة الملك في أكثر من مناسبة.

عرض التعليقات
أرسل تعليقك
الأسم
التعليق

تصفح في موقعنا

النشرة البريدية

كافة الحقوق محفوظة لوكالة بودكاست الاخبارية