[بودكاست ]


 
 
  • المحلية
  • العمالة السورية: تراجع بشروط العمل اللائق وزيادة البطالة عند الأردنيين
العمالة السورية: تراجع بشروط العمل اللائق وزيادة البطالة عند الأردنيين
بودكاست - Thursday 09-04-2015 06:48

بعد ممارسته لمهنة المحاماة لأكثر من عشرة أعوام في بلده الأم سورية، يعمل اللاجئ نسيم حاليا بائعا في مخبز حلويات براتب لا يزيد على 140 دينارا رغم أن ساعات عمله تتجاوز 14 ساعة يوميا.
وحال سليم، لا يختلف عن وضع الآلاف من اللاجئين السوريين، ممن يعملون حاليا في سوق العمل، وسط تأكيدات تقارير متخصصة وخبراء في هذا الشأن تبين أن "اضطرارهم للعمل دون توفر شروط العمل اللائق فاقم من مشكلة البطالة في الأردن، فضلا عن تأثيره على العمال الأردنيين، حيث تعرض بعضهم للفصل لتشغيل آخر سوري عوضا عنه، كونه يرضى بظروف عمل أقل جودة".
وقال صاحب محل خضار، في منطقة طبربور في عمان، إنه يشغل منذ عامين عاملا سوريا بدل عامل أردني، مبينا أن السوري "يأخذ راتبا أقل ولا يطلب عطلا أو إجازات، فضلا عن عمله من الساعة العاشرة صباحا حتى الحادية عشرة ليلا، كما أنه لا يضطر لاستبدال العامل كل فترة"، مبينا أنه "وعند تعامله مع العمال الأردنيين كان يضطر للبحث المستمر عنهم، كون معظمهم لا يستمر بالعمل أكثر من خمسة أشهر".
بدوره، يقول فادي العلي، العاطل عن العمل منذ أكثر من ستة أعوام، إنه "يرفض العمل براتب يقل عن 350 دينارا"، مبينا أنه "يرضى بأي مهنة مهما كانت، لكن لن يرضى بأقل من هذا المبلغ".
ويبين العلي أنه "إن رضي بأقل من ذلك فقد يدفع من جيبه لقاء عمله، وما سيتكبده من بدل مواصلات وطعام خارج المنزل، مضيفا "العامل الوافد يستطيع ذلك، فهو مضطر للعمل تحت أي ظرف، وأنا أيضا مضطر للعمل ولكن ليس للاستعباد".
وعلى الرغم من أن أرقام وزارة العمل تشير إلى ان عدد اللاجئين السوريين الحاصلين على تصريح العمل لا يتجاوز 5700 خلال العام 2014، إلا أن دراسات وتقارير متخصصة محلية ودولية تقدر عددهم الفعلي بنحو 50 ألفا.
مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أحمد عوض يؤكد أن "30 % من اللاجئين السوريين هم في سن العمل"، متوقعا أن تكون تلك النسبة تسربت إلى سوق العمل "بطريقة أو أخرى".
ومع وجود اكثر من 395 الف لاجئ سوري خارج المخيمات، يتوقع عوض ازدياد عدد السوريين الداخلين إلى سوق العمل.
وبحسب دراسة للمركز، يصل عدد اللاجئين السوريين في الأردن اليوم إلى مليون و300 ألف شخص، بينهم 531 ألفا مسجلون لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إضافة إلى 700 ألف كانوا يقيمون في الأردن قبل بداية الأزمة ولم تتمكن غالبيتهم من العودة.
وتشهد عملية رصد الأعداد الحقيقة للاجئين السوريين في الأردن تضارباً ملفتا بين الأرقام بين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبين أرقام الحكومة، فيما يعود هذا التضارب إلى أن المفوضية لا تحصي إلا اللاجئين المسجلين لديها رسميا، بينما تحصي الحكومة كل سوري دخل المملكة عبر المنافذ الحدودية الرسمية أو عبر المنافذ الحدودية في المناطق منزوعة السلاح على الحدود بين البلدين، والتي يدخل منها اللاجئون.
وبينت دراسة أصدرتها منظمة العمل الدولية أمس بعنوان "دخول اللاجئين السوريين الى سوق العمل الأردني"، أنه مع أواخر شهر شباط (يناير) الماضي، تجاوز عدد اللاجئين السوريين المسجلين في الأردن 620 ألفا، أي ما يعادل نحو 10 في المائة من تعداد السكان".
وقالت الدراسة إنه "فيما يعيش زهاء 20 في المائة من هؤلاء اللاجئين في مخيمات مخصصة لهم، وجد الباقي مأوىً لهم في المدن والمناطق الريفية في جميع أنحاء المملكة، وتستضيف العاصمة عمَّان ومحافظتا إربد والمفرق أكثر من ثلاثة أرباع اللاجئين السوريين".
وأضافت: "شكل تدفق اللاجئين ضغوطاً متزايدة على موارد الأردن وبنيته التحتية، ومنها اقتصاده ونسيجه الاجتماعي، وتتراوح آثار أزمة اللاجئين السوريين على سوق العمل، من خلال تراجع متوسط الأجور وفرص العمل وقسوة ظروف العمل، إضافة إلى انتشار عمل الأطفال وتوسع سوق العمل غير المنظم".
بدوره، يكشف مدير مديرية العمالة الوافدة في وزارة العمل إبراهيم السعودي لـ"الغد"، عن خطط لإحلال العمالة الاردنية، مع "تقدير الوزارة لظروف العمالة السورية"، مبينا ضرورة تبني إطار استراتيجي يهدف للحد من تأثير أزمة اللاجئين السوريين على المجتمعات المضيفة الهشة، وتحديداً "لضمان تقديم مساعدة منصفة وغير تمييزية لهذه المجتمعات، حيث يمكن أن تؤدي المكاسب السريعة إلى مكاسب تنموية طويلة الأمد".
وكان وزير العمل نضال القطامين، قال في تصريحات صحفية مؤخرا، إن الوزارة "ستتخذ إجراءات مشددة ضد العمالة الوافدة غير المرخص لها بالعمل، وبخاصة السورية التي دخلت المملكة لظروف سياسية باستثناء العاملة بالقطاع الزراعي"، مؤكدا ان الاجراءات ستتخذ "بطريقة متزنة "لا تؤثر على اعمال القطاع التجاري، وهدفها ضبط سوق العمل.
كما أكد القطامين أن "تشغيل العمالة السورية لدى القطاع الخاص بات يشكل استفزازا للعمالة الاردنية"، مشددا على ان الوزارة "ستعمل بجدية مع كل صاحب عمل يشغل أي وافد غير مرخص ولا يحمل تصريح عمل بغض النظر عن جنسيته".
وأضاف ان الوزارة علقت استقدام العمالة من الخارج، وتشددت مع الوافدين الآسيويين العاملين في قطاع الزراعة، لإحلال العمالة السورية مكانها تقديرا للظروف الاستثنائية التي اجبرتهم على دخول المملكة.
وأشار إلى أنه "من غير المعقول أن يبقى هنالك 600 الى 800 ألف عامل وافد يعملون داخل الأردن دون تصاريح رسمية وما يتبع ذلك من مخاطر صحية وأمنية علاوة على وجود معدلات بطالة عالية في صفوف الأردنيين".
ولفتت دراسة اعدها الخبير الاقتصادي خالد الوزني لصالح المجلس الاقتصادي والاجتماعي حملت عنوان "الآثار الاقتصادية والاجتماعية لأزمة اللاجئين السوريين على الاقتصاد الأردني"، الى "تواجد ملموس" للعمالة السورية في العديد من المحال والوظائف الخدمية والتجارية بدأ يشهدها المواطن المتعامل مع المؤسسات والمرافق الخاصة التي تقدم خدمات وسلعا تجارية بما في ذلك محطات الوقود وتجارة التجزئة.
وقالت الدراسة: "من غير المعروف مدى التزام أرباب العمل بتسجيل تلك العمالة رسميا لدى وزارة العمل أو الحصول على تراخيص لها، ما يعني ليس فقط منافسة العامل الأردني، بل أيضا تضييع إيرادات مباشرة لوزارة العمل في مجال تصاريح العمل والتي يستخدم جزء مهم منها في الإنفاق على برامج تأهيل وتدريب العمالة الأردنية لما يتناسب واحتياجات سوق العمل الأردني".
وقدرت الإيراد الضائع على الخزينة من عدم ترخيص تلك العمالة بنحو "11 مليون دينار سنويا، يذهب منها ما يقرب من نحو 6.1 مليون دينار لصندوق تأهيل وتدريب العمالة الأردنية لدى صندوق التدريب المهني والحرفي".
وقالت إن "إيرادات أخرى تضيع، وتتمثل بعدم إشراك تلك العمالة في الضمان الاجتماعي وما يرتبه ذلك من فرصة ضائعة في تحصيل إيرادات مباشرة لمؤسسة الضمان الاجتماعي في شكل اشتراكات واقتطاعات، والتي تصل في حدها الأدنى، بافتراض تطبيق الحد الأدنى للأجور، الى ما يزيد على 12 مليون دينار سنويا".
ورغم أن الأردن لم يوقع على اتفاقية العام 1951 الخاصة بحقوق اللاجئين، إلا أنه كالعديد من الدول ملتزم بتطبيق المبادئ العامة الواردة في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومنها الاتفاقية المذكورة".
كما أن الأردن صادق على العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ما يعزز من التزامه باحترام الحقوق الأساسية للاجئين في إطار المجالات والأطر التي نصت عليها تلك الاتفاقيات في المجالات المدنية والاقتصادية والاجتماعية.
واستنادا إلى هذه الأسس، استقبل الأردن مختلف موجات لجوء السوريين على مدار العامين ونصف العام الماضيين.
وفي العام 1997 وقع الأردن مذكرة تفاهم مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تسمح بتمكين المفوضية من مباشرة أنشطتها المتعلقة بالحماية الدولية، والمساعدة الإنسانية لصالح اللاجئين ما عدا اللاجئين الفلسطينيين نظرا لشمولهم برعاية منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)".
وتضمنت الاتفاقية مواد تتعلق بحقوق اللاجئ الدينية والعرقية، وحق العمل لحسابه الخاص في المهن الحرة، وإعفاء اللاجئين من غرامات تجاوز الإقامة، كما تتضمن ضرورة أن يستمر مكتب المفوضية بتوفير تكاليف المعيشة من سكن ومأكل وملبس وعلاج وفقا للأسس المعمول بها في المفوضية.
ويفسر عوض بنود هذه الاتفاقية بتأكيد أنه "ينطبق على العاملين من اللاجئين السوريين في الأردن ما ينطبق على الأجانب العاملين في الأردن من مختلف الجنسيات الأخرى، من حيث ضرورة حصولهم على تصاريح عمل حسب الأصول المتبعة، وفي اطار المهن المسموح للأجانب العمل بها، وبما تسمح به القوانين والأنظمة والتعليمات الأردنية".
وقال عوض: "ولأن السوريين المقيمين في الأردن سواء كانوا لاجئين أم غير لاجئين، يخضعون لولاية الدولة الأردنية، فإنهم يتمتعون بكامل الحقوق الواردة في العهدين الدوليين لحقوق الإنسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في إطار التعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين".
ويؤكد أن "الوجود المكثف للعمالة السورية في الأردن أدى وبشكل ملموس إلى تراجع العديد من مؤشرات وشروط العمل اللائق والحقوق الأساسية في العمل، وفي غالبية القطاعات الاقتصادية غير المنظمة والقطاعات الاقتصادية المنظمة الصغيرة والمتوسطة التي يعمل بها عاملون وفق علاقات عمل غير منظمة".
وبين أن ذلك التراجع "أثر على شروط عمل مختلف العاملين في هذه القطاعات من أردنيين ووافدين، سواء أكانوا مصريين أوسوريين، إذ ازدادت ساعات العمل لتصل في بعض الأحيان إلى 12 ساعة عمل يومياً لدى العديد من منشآت الأعمال التي يعملون بها، إلى جانب حرمانهم من إجازاتهم بمختلف أنواعها، سنوية كانت أم مرضية أم رسمية، الى جانب تأخير استلام الأجور إلى فترات زمنية تزيد على ما نص عليه قانون العمل الأردني".

عرض التعليقات
أرسل تعليقك
الأسم
التعليق

تصفح في موقعنا

النشرة البريدية

كافة الحقوق محفوظة لوكالة بودكاست الاخبارية