بإطباق فكي كمّاشتهم على عدن يستكمل الحوثيون كل أسباب الحرب الأهلية في اليمن، الذي يؤكد المحللون أن حوار فرقائه الموعود لن ينجح إذا سقط الرئيس عبد ربه منصور هادي المحاصر في المدينة.
وقبيل إسقاط عدن واندلاع حرب أهلية يمنية على عتبة باب بيتها، أعلنت السعودية قبل يومين أنها بصدد اجراءات كان التصريح عن طبيعتها مواربا ضد الانقلاب الحوثي، الذي يواجه خصوما ميدانيين، في مقدمتهم تنظيم القاعدة ومقاتلون قبليون وفصائل جنوبية وقطاعات عسكرية مؤيدة للرئيس الشرعي.
ويتوقع محللون أن يتجه اليمن إلى حرب أهلية على غرار ما حصل في العراق، معتبرين أنه يتعين على مجلس الأمن أن يصدر قرارات تحت البند السابع، وأن يفرض على الجميع تطبيق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية.
وأوضحوا أن الحوثي يسيطر على مفاصل الحكم، فيما المؤسسات العسكرية والحكومية منقسمة بين الشمال والجنوب، وبالتالي فان ما يحدث من هجمات واقتتال ذي طابع مذهبي، يدفع بالمشهد اليمني ليتخذ سيناريو الحرب الاهلية في العراق.
وعن مصير الحوار اليمني في الدوحة أو الرياض، يرى المحللون أنه لم يعد هناك قوة يمنية على الأرض صاحبة قرار، خصوصا وأن هذا القرار يتحول إلى خارج اليمن ليصبح جزءا من الحرب الباردة في المنطقة والتي تشهد فيها بروزا للمحور الإيراني والحديث العلني عن سيطرتهم على بعض العواصم العربية، ومنها صنعاء ودمشق وبغداد. لذا يعتبر المحللون أن مصير اليمن اليوم بات مرتبطا بالنزاعات الإقليمية والدولية المحتدمة في المنطقة.
ويرى المحللون أن الحوثي الذي سينتزع عدن لإملاء شروطه في حوار قد يجمع محاورين مفترضين في الدوحة، في مسعى لتكريس نفوذه العسكري سياسيا لرسم خريطة البلاد وإعادة النظر بكامل الاتفاقات ومخرجاتها التي كانت موضع خلاف عاصف مع الرئيس المحاصر مجددا عبد ربه منصور هادي.
ويلفت المحللون إلى إحجام السفير الأميركي في اليمن ماثيو تولر عن تفاصيل عن التحركات الأميركية حيال اقتحام عدن، مكتفيا بالقول ان اشنطن وحلفاءها في حاجة لاتخاذ قرارات بسرعة للحفاظ على إمكانية التوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، التي لن يفيد أي حوار سياسي إذا أطيح بهادي أو اعتقل وسقطت عدن وهو ما قد يحدث بسرعة. ويرى مراقبون أن الحوار الذي تحدث عنه السفير الاميركي، بين "الفصائل المتحاربة" في اليمن، لن يفضي الا الى نتيجة يريدها الحوثي بصفته منتصرا.
وكان وزير الخارجية اليمني المكلف، رياض ياسين، أعلن أن الحرب الدائرة في اليمن تستهدف سائر البلاد. وذكر أن "الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي طلب من الأمم المتحدة وقوات (درع الجزيرة) التدخل لمواجهة الحوثيين"، مضيفا: "دول التعاون الخليجي تدرس هذا الطلب".
وقال ياسين إن رد دول مجلس التعاون الخليجي كان إيجابياً حول طلب اليمن تدخل قوات درع الجزيرة لوقف تمدد انصار الله والقوات الموالية للرئيس السابق. وأشار إلى أنه تجري حالياً ترتيبات حول تفاصيل تلبية الطلب الذي قدمه اليمن لدول الخليج العربي، لتدخل قوات درع الجزيرة، دون أن يوضح تفاصيل الإجراءات، ومتى ستبدأ تلك القوات عملياتها على الأرض.
غير أن مسؤولاً كويتياً لم يوضح ما إذا كانت قوات درع الجزيرة التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي ستتدخل في اليمن أم لا، وقال وكيل وزارة الخارجية الكويتية خالد الجارالله "لا أستطيع أن أحدد إن كانت قوات درع الجزيرة في دول مجلس التعاون الخليجي ستتدخل أو لا تتدخل في الوضع في اليمن، لأن الأوضاع هناك تعالج على مستويات عديدة، ليس فقط من قبل مجلس التعاون الخليجي، بل على مستوى جامعة الدول العربية وعلى مستوى مجلس الأمن الدولي".
وبينما اعتبر المبعوث الدولي لليمن، جمال بنعمر، أن اليمن متجه للحرب الأهلية والتفتت، ما لم تحدث معجزة، صرّح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قائلا: "إذا لم يتم إنهاء الانقلاب الحوثي سلميا سنتخذ الإجراءات اللازمة لحماية المنطقة".
ووفقاً للمحللين فإن نبرة التهديدات السعودية غير المعتادة، مقدمة لتدخل عسكري سعودي مباشر في اليمن لدعم هادي ضد مناوئيه من أنصار الله والرئيس السابق علي عبد الله صالح، متسائلين عن شكل التدخل العسكري الذي من الممكن أن تقدم عليه السعودية ويجنبها الدخول في مستنقع حرب أهلية وقبلية قد تنشب هناك، كما حصل مع الجيش المصري في ستينيات القرن الماضي.
ويلاحظ أن تهديدات الأمير سعود الفيصل بالتدخل المباشر لحماية الشرعية الدستورية للرئيس منصور ترافقت مع زيارة قام بها وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان لمنطقة جازان جنوب المملكة في اليومين الماضيين، حيث تفقد القوات السعودية المرابطة على الحدود مع اليمن برفقة كبار قادة الجيش السعودي.
وأمس، واصلت قوات الحوثيين وحليفهم علي عبدالله صالح، تشديد الطوق حول عدن حيث يتحصن ويعمل على رص صفوف انصاره استعدادا لوقف تقدم هذه القوات، التي خاضت في وقت سابق معارك بالأسلحة الثقيلة في محافظتي الضالع ولحج القريبتين من عدن.
وتابعت المصادر أن القوات الموالية لهادي قصفت مواقع المليشيات الحوثية التي تمكنت من السيطرة على مقر الإدارة المحلية في مدينة الضالع، كبرى مدن المحافظة التي تحمل الاسم ذاته.
واحرز الحوثيون المتحالفون مع الجيش الموالي للرئيس السابق علي عبدالله صالح تقدما في المدينة تحت وابل نيران الاشتباكات العنيفة بعد أن تم صدهم في منطقة تقع شمال شرق الضالع من قبل مجموعة من المقاتلين الجنوبيين، وفقا للمصادر ذاتها.
الا ان مصادر عسكرية اكدت ان المعركة للسيطرة على مقر اللواء 33 مدرع في شمال الضالع اسفرت عن مقتل عشرة مقاتلين من الحوثيين وعدد من الجرحى.
وفي الوقت ذاته في منطقة الكرش في محافظة لحج الجنوبية، قالت المصادر العسكرية والامنية ان مواجهات اندلعت بين قوات موالية للرئيس اليمني واخرى تابعة للحوثيين.
والحوثيون الذين يحاولون بسط نفوذهم الى الجنوب بعد سيطرتهم على صنعاء يحققون تقدما على محاور الضالع ولحج بمساعدة الجيش الموالي لصالح والذي جلب تعزيزات بالعديد والدبابات، بحسب المصادر.
وفي مدينة تعز التي تتحكم بالطريق إلى عدن، قتل خمسة من المتظاهرين وأصيب أكثر من 80 آخرين عندما حاولت الميليشيات الحوثية تفريق تظاهرة مناوئة تبعا لما أعلنه مسؤولون محليون ومصادر طبية.
إلى ذلك، قالت مصادر قبلية ان الحوثيين يخوضون مواجهات منذ مساء الاثنين مع قبائل سنية مؤيدة لهادي في محافظة البيضاء حيث قتل تسعة من مسلحي القبائل و15 من الحوثيين. واستمر الطرفان في تعبئة الصفوف أمس، رغم الدعوات الدولية الى التهدئة وتحذير الأمم المتحدة من اندلاع حرب أهلية.