[بودكاست ]


 
 
  • العالمية
  • اليونان تتمرد: أوروبا تخشى انتقال عدوى اليسار
اليونان تتمرد: أوروبا تخشى انتقال عدوى اليسار
بودكاست - Sunday 01-02-2015 23:45

أرخى تسلُّم حزب سيريزا اليساري في اليونان المثقلة بديون وأزمة اقتصادية طاحنة، بظلال ثقيلة على الاتحاد الاوروبي ودوله فقيرها وغنيها على حد سواء، فوهجه كما يرى المحللون سيشكل جذبا شعبيا لأحزاب مماثلة في بلدان اوروبية عديدة تتقاطع برفض التقشف والانحياز للطبقات الشعبية، التي أفقرتها سياسات التقشف.
فاليونان البلد الصغير والفقير مقارنة بشركائه الاوروبيين، وجد نفسه في طاحونة الأزمة بعد أن ربط مصير اقتصاده بعجلة الاقتصاد الأوروبي والعالمي، وقبوله الطوعي لجميع شروط الاتحاد الأوروبي "منطقة اليورو".‏
وككرة الثلج، بدأت الأزمة منذ اليوم الأول لخضوع اليونان لآلية توزيع مناطق الإنتاج وفق معايير الاتحاد الأوروبي، وأخذت تكبر الكرة مع تصاعد الأزمة إلى ذروتها في المراكز الكبرى، لتمتد إلى الأطراف الأقل تطوراً، لتشمل الاقتصاد والمجتمع، والحياة السياسية والنقابية، وفئات الشباب والطلبة الأكثر تأثراً بتداعيات الأزمة الاجتماعية.‏
ويرى المحللون أن هذا الواقع المرير، دفع اليونان مرغمة وفق آلية تفكيرها الليبرالية الى اللجوء إلى أسهل السبل وهو تحميل الشعب مسؤولية الأزمة وتحميله نتائجها، فعجز الموازنة العامة وصل إلى نسبة خطيرة جداً 12.7 % من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى مديونية تصل إلى أكثر من 320 مليار يورو أي ما يعادل 175 % من الناتج المحلي الإجمالي.
ولسد هذا الخلل الخطير أسرعت الحكومة لزيادة الضرائب على القيمة المضافة وعلى الطاقة والسلع الكمالية ومن ثم الغذائية مع تخفيض حاد في الأجور، وحرمان العاملين من جميع الامتيازات والإضافات السابقة على أجورهم، وأخيراً طالت رواتب المتقاعدين فجمدتها.‏
وحيال سؤال: لماذا اليونان؟ يوضح المحللون، أن اليونان هي البداية، فحكومة حزب "الديمقراطية الجديدة" اليميني، هي التي وافقت على شروط الاتحاد الأوروبي، فهذه الشروط وهي في الواقع شروط الاحتكارات الأوروبية الرأسمالية الكبرى. إذ أرغمت اليونان على التخلي عن زراعات استراتيجية مهمة كالزيتون والحمضيات، والتخصص باستبدال زراعة هاتين المادتين بزراعة الأزهار والورود، لأن زراعة الزيتون والحمضيات من اختصاص إيطاليا وإسبانيا، أما تربية المواشي فهي من اختصاص هولندا.
ولفت المحللون الى أنه: "تحت ذريعة الخصخصة فقدت اليونان قطاعاً حيوياً من قطاعاتها الاقتصادية المهمة جداً، وتدفقت إليها رؤوس الأموال الاستثمارية في مشروعات تخدم في الواقع استثمارات دول رأس المال، بدون الأخذ بعين الاعتبار قدرة البلاد على سداد المستحقات المترتبة عليها حيال هذه المشروعات. ولجأت الحكومة اليونانية إلى سياسة الخصخصة لجمع ما يمكن من مبالغ لسداد الديون، ووصل الأمر بالاتحاد الأوروبي أن طلب من الحكومة أن تبيع عدداً من جزرها الجميلة جداً كي تسدد ديونها الضخمة".
واعتبروا أن حزب سيريزا اليساري الفائز في انتخابات الأسبوع الماضي هو الوحيد الذي قدّر بدقة نتائج هذه السياسة التي أنتجتها سياسات الليبرالية الانفتاحية منذ عشر سنوات، موضحين أن الحزب أعلن مرارا أن السياسة الخاطئة ستكون لها نتائج خاطئة بالضرورة.‏
ولجأت حكومات اليمين والاشتراكيين الى بيع العديد من المنشآت الحكومية وهو ما لم يساعدها على تلافي الأزمة، وهو ما دفع محللا لأن يقول: إنها تشبه عملية ضخ دم لمريض ينزف داخلياً.
وقررت الحكومة اليونانية اليسارية، وقف خصخصة الممتلكات العامة، حسب الوعود التي أطلقتها قبل الانتخابات.
وقررت الحكومة، إلغاء خصخصة المؤسسات العامة، التي لم تنته خصخصتها بعد، ومن بينها ميناء بيريه، والشركة العامة لتوزيع الطاقة، إضافة إلى مراجعة العقود التي تمت بموجبها خصخصة مؤسسات أخرى سابقًا.
وأوضح نائب وزير الملاحة "ثودوريس دريشاس"، أن القرارات المتخذة جاءت بناءً على طلب العاملين ورجال الأعمال، مشيرًا إلى إيقاف بيع أسهم ميناءي بيريه وسلانيك.
وأفاد "دريشاس" أن الحكومة تراجع العقود الخاصة بتأجير محطتي حاويات في ميناء بيريه، لمدة 35 عامًا إلى شركة الشحن الصينية "كوسكو"، مشيرًا إلى أنها (الحكومة) منفتحة على الحوار، وأنها لن تعارض العقود السارية المفعول، التي تم توقيعها سابقًا.
وأعلنت الحكومة اليونانية كذلك أنها ستعيد النظر في عقد تخصيص جزء من الشركة العامة لتوزيع الطاقة، موضحة أن غايتها تخفيض أسعار الكهرباء، وزيادة التنافس من أجل مساعدة الشعب.
ويقول المحللون إن: "صعود سيريزا دليل على ظهور سياسة تشمل أوروبا على نحو لم يتوفر لمن ظهروا سابقا على الساحة من أمثال الجبهة الوطنية وحزب الاستقلال. حيث يريد المتشككون الابتعاد عن الاتحاد الأوروبي. ويرغبون في أن تكون سياسة بلادهم أكثر وطنية. ولعل ما يجعل رئيس الوزراء اليواني الجديد أليكسيس تسيبراس راديكاليا ليس ما يريد أن يفعله في اليونان، ولكن ما يريد أن يفعله فى أوروبا". واعتبروا ان برنامج تسيبراس لن ينجح إلا إذا تمكن من إشعال روح سيريزا فى منطقة اليورو بأكملها؛ وإذا كان يستطيع كسب تأييد ضمنى من الناخبين فى عدد كاف من الانتخابات الوطنية فى جميع أنحاء القارة لدفع أنجيلا ميركل وزملائها فى شمال أوروبا المؤيدين للتقشف إلى موقف العزلة الذى تعانيه اليونان الآن.
وتواجه اليونان مخاطر النبذ والطرد من منطقة اليورو، إذا رفضت شروط القرض الجديد، الذي يقول عنه الكسيس تسيبراس إنه قرض غير مستدام ولن يتم دفع فوائد عليه. ويعوّل تسيبراس على حزب بوديموس الإسباني اليساري الذي يتشاطر واياه رفض إجراءات التقشف المالي.
وتفيد بعض استطلاعات الرأي بتقدم حزب بوديموس الاسباني الذي أسس منذ أقل من سنة قبل الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في نهاية هذا العام.
وقد وعد الحزب بشطب بعض الديون المستحقة على إسبانيا إذا ما فاز في الانتخابات.
وعبر العديد من الإسبان عن سخطهم على تقارير بشأن الفساد السياسي وسياسة تقليص النفقات الذي فرضتها حكومة حزب الشعب وحكومة الاشتراكيين قبلها.
وقد خرجت إسبانيا رسميا من حالة الكساد، ولكن البطالة ما تزال تمس 1 من كل 4 عمال.
ويتردد فى عالم المال أن خطر "العدوى المالية" منخفض هذه المرة، بشرط إخراج اليونان من منطقة اليورو. بينما يلفت المحللون الى أن هذا يتجاهل إمكانية العدوى السياسية، التى يبنى عليها تسيبراس آماله. فكرة أن كل شيء يمكن أن يتحول رأسا على عقب وتصبح ألمانيا، بدلا من اليونان، هي التي تواجه خيار الخروج من اليورو، على أيدي غالبية ساحقة ضد التقشف في أوروبا.
وبدأ القادة اليونانيون أمس، جولة أوروبية تهدف الى الحصول على تأييد أكبر عدد ممكن من البلدان ضد سياسات التقشف في مواجهة المانيا التي ما تزال متشددة، وذلك غداة تصريحاتهم التي سعوا فيها الى التهدئة.

عرض التعليقات
أرسل تعليقك
الأسم
التعليق

تصفح في موقعنا

النشرة البريدية

كافة الحقوق محفوظة لوكالة بودكاست الاخبارية