طلقها لأنها لم تحضر له كوب ماء، وأخرى رفعت قضية طلاق على زوجها لـ"رفضه تناول الحمص بالشوكة"!، وثالثة طلبت الطلاق لأن زوجها بات صاحب "كرش"!
قصص كثيرة للطلاق تنشرها وسائل إعلام مختلفة لأسباب "واهية"، لا يمكن أن يكون أصحابها ينظرون للحياة الزوجية كـ"رباط مقدس" و"أسرة متماسكة تحتاج للحب والتنازل وقليل من الصبر والإيجابية والمرونة في حل المشكلات"، وفق مختصين.
ولما كان الطلاق آخر الحلول، وبعد استنفاد كل الوسائل لإصلاح ذات البين، من قبل الأهل والأصحاب، بات مؤخرا يشهد "تزايدا ولمختلف الأسباب التي قد تكون قابلة للإصلاح ولم يعط الزوجان الفرصة لهما".
سحر شديدة الندم لما آل إليه حالها وحال بيتها بعد الطلاق، بعد أن "ركبت رأسها"، وفق وصفها، وطلبت الطلاق من زوجها بل أصرت عليه.
تقول سحر بخجل جم "لا أعرف ماذا أصابني، فبعد زواجي بسنتين اختلف مظهر زوجي كثيرا، فقد زاد وزنه، وصار لديه كرش، فانزعجتُ لذلك كثيرا، لاسيما وأن شعره بدأ بالتساقط حيث أصيب بالصلع، فلم أعد أحب منظره".
وتتابع "هذا ما جعلني أسخر من حاله وأعيب شكله، ولم أجد بدا في النهاية من أن أطلب الطلاق، وأصر في طلبي، ولكني اليوم نادمة أشد الندم، وأقول كان زوجي رجلا جيدا وطيبا".
أما سارة، وهو اسم مستعار، فقد طلبت الطلاق من زوجها، بسبب الشخير، غير أنها تقول: "تسرعت في طلبي لأنني عندي طفل ولأن زوجي كريم وحنون ويحترمني ويحبني".
وتضيف "هدمت أسرتي لسبب يمكن حله في لحظة غضب"، متابعة "عندما جلست مع نفسي وجدت أنني كنت مخطئة، فهناك حلول كثيرة وأكثر منطقية وعقلانية يمكن اللجوء لها كالذهاب الى الطبيب ومتابعة أبرز أنواع علاج الشخير"، فضلا عن "فصل غرف النوم في أسوأ الاحتمالات".
اختصاصية الأسرة، د.نجوى عارف، تبين أن الطلاق، وخصوصا ما كان لأسباب غير معقولة، أسبابه عدة، منها "الجهل" بقيمة الحياة الأسرية عند الشباب حديثي العهد بالعلاقة الزوجية، بالإضافة إلى "قلة صبر" أحد الطرفين، فضلا عن "غياب" معنى المؤسسة الزوجية لدى كثير من الشباب.
وتقول عارف "إن بعض الأزواج، وخصوصا صغار السن، يعتقدون أنهم ملائكة لا يخطئون، فيبتعدون عن الواقعية المطلوبة في الحياة الزوجية"، منوهة إلى أنه من الطبيعي أن تكون هناك مشاكل وعيوب تفرضها دوامة الحياة، ومن الواجب أن يسعى كل طرف لاحتوائها.
"كما يجب عدم إغفال ما يحدثه تدخل الأهل من خلل في الحياة الزوجية"، وفق عارف، التي تقول "كثيرا ما يتدخل الأهل في أدق التفاصيل، خصوصا أن البعض يعتقد أن طلاق الزوجة لأنها أخطات في حق والدة الزوج أو والده أمر يفرضه برّ هذا الزوج بوالديه"!، لهذا يجب على الزوج أن يعرف واجباته وحقوقه حيال كل من الأهل والزوجة.
وتؤكد عارف ضرورة خضوع من يريدون الزواج لدورة تثقيفية حول حقوق الزوجين، وأهمية بناء الأسرة، ومخاطر الطلاق.
ومن الحلول المقترحة للتقليل من نسبة الطلاق المبكر، وفق عارف، أن يتغاضى كل طرف عن هفوات الطرف الآخر، وخصوصا ما كان منها بسيطا وعابرا، مع عدم تدخل الأهل في حياة الزوجين إلا بالقدر المطلوب من أجل الإصلاح بين الزوج وزوجته، وأن يستشعر الطرفان أن الزواج أمانة ومسؤولية.
ومن ناحية اجتماعية، يبين اختصاصي علم الاجتماع، د.محمد جريبيع، أن هناك أسبابا كثيرة تجعل الشخص يخرج عما هو مألوف، ففي رأيه، على سبيل المثال، أن الأوضاع المادية الصعبة تجعل الفرد "يفقد صوابه" أحيانا، فينتابه الغضب والتوتر، ولا يتحمل شيئا فيثور لأتفه الأسباب فيكون الطلاق أسهل الحلول في عينه، وهكذا يكون الانفصال لدواع مادية وليس لأسباب موضوعية.
ومن ناحية نفسية، يقول اختصاصي علم النفس، د.محمد مصالحة "ليس من السهل أن يلتقي الزوجان في الأمور كافة، فلا بد أن تكون هناك نقاط اتفاق واختلاف".
وتعد السنة الأولى من الزواج "الأصعب" في حياة الزوجين، وفق مصالحة، فإذا مرت بسلام فإن الزواج "سيستمر في الغالب"، أما إذا تشبث كل طرف برأيه، وبُنيت العلاقة الزوجية على الأنانية وحب الذات، بدلا من التضحية والإيثار، "فلا شك أن الزواج سوف ينهار".
ويبين مصالحة أن الزواج يحتاج إلى عقلاء ينظرون إلى المشكلة بموضوعية وحكمة، والنظر للأمور من مبدأ "المعاملة بالمثل"، الذي يجعل الشريك يسير وفق مبدأ "أتعامل مع غيري كما أحب أن يعاملني غيري".